لنفرض أنَّنا أخذنا المسألة مأخذاً آخر، فماذا حينئذٍ؟ مع ذلك، إذا كنتم تصرّون، سوف يجيبكم قائلاً: إنَّ الأمواج موجودة في معادلته والمعادلة في فكره). للغزالي الذي عاش قبل 900 سنةٍ عبارةٌ تَرِد في أحد كتبه حيث يقول بعد كلامٍ مسهب: "يكفيك من الأقوال أنَّها تثير فيك الشكّ في موروثاتك؛ وذلك لأنّ ما يلي هذا الشكّ. تعتبر الخبرات العقلية هي مجموعة من الخبرات ذاتية والحسية تتعلق بجميع جوانب الحياة، تتضمن الوعي والمعرفة والحكم واللغة والذاكرة، يكتسبها الانسان من خلال تفاعله مع البيئة المحيطة له منها. ولو أنّ الإنسان شكّ في كلِّ الأمور فإنَّه لن يشكّ في أنّ انفعالاتٍ كالغضب، والشَّهوة، والطَّمع والحسد، والتعصُّب، والعجب، وأمثالها تحيل الإنسان إلى أعمىً وأصمّ في حياته. مفهوم المعرفة العلمية. وفي آية أخرى من سورة الأعراف يقول: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾1. الخلاصة؛ هي إنّه لمّا كان الأطفال يفكّرون بمستوىً واحد، فإنّ حرمان أحدهم دون الآخر لا بدَّ أن يخلّف فيهم أثراً سيئاً، ولكن بما إنّ تفكير الأبوين مختلفٌ عن تفكيرهم، وهو أعلى مستوى، فإنَّهما لا يتأثّران بمثل ذاك الحرمان والشعور بالغبن، فلا يرون في عدم حصولهما على حصّتهما من الغذاء أو الفاكهة ما يدعو إلى الإحساس بالغبن أو الدونيّة. هناك -بالطبع- فرقٌ بين أن توجد في الإنسان غريزة من الغرائز، وبين أن تكون هناك غريزة يعرفها الإنسان حقّ المعرفة ويعرف هدفها. وإن أعظم فضيلة للعقل هي معرفة الله، أو الفهم وفقاً للنوع الثالث من المعرفة، وهذه الفضيلة هي الأعظم بحسب العقل الذي يعرف المزيد من الأشياء بهذا النوع من المعرفة. فهل من دليل على أنَّ الشيء الذي نظن أنَّنا نراه - وإن لم نره في الواقع - موجود؟ إنَّ العلم طالما افتخر بكونه تجريبياً، وأنَّه لا يؤمن إلَّا بما يمكن التحقُّق منه. لا شكّ أنّ هذا التعلّق المطلوب بالدرس والاجتهاد أبطأ ظهوراً في الصبي من علاقته باللعب والأكل، ثمّ إنّها تستوجب حبّ الإثارة والتحريك والتشويق. يألوا جهداً في توفير أسباب اللهو واللعب والانغماس في الملذّات للمسلمين، ولقد نجحوا في هذا إلى درجة أنّ القادة وكبار رجالات الدولة وقعوا في حبائلهم، فلوّثوا نفوسهم، وبذلك تمكّنوا من أن ينتزعوا ما كان في المسلم من عزمٍ وإرادةٍ وقوةٍ وشجاعةٍ وإيمانٍ وطهارة روح، فأحالوهم إلى أفراد جبناء، ضعفاء، شهوانيين، يشربون الخمر، ويرتكبون الموبقات. ونحن نعرف أنّ هناك خلافاً في الأولويّة البرهانية، فهل البراهين العقليّة المحضة هي الأفضل والأقوى منطقيّاً كما يرى ذلك جمهور الفلاسفة العقليين، ولهذا تجد كثيرين منهم يتفاخر بأنّه لا يقدّم براهين إثبات الباري تعالى من خلال الحسّ، وهو ما دفع بعضهم إلى اعتبار برهان النظم. 3. هذه هي المواضيع التي يوصي القرآن بدراستها. فالحبّ المذموم هو هذا الحبّ، إنّ الميول والعواطف إن هي إلا لون من ألوان الاستعداد في البشر، وهي له بمنزلة وسائل للعيش. وعليه فلا ينبغي أن نقول إنَّ الإسلام قد وحَّد بين الناس بإيجاده العقيدة فحسب، وإنَّما يضاف إلى ذلك كونه قد أزال الموانع والتمايز والشقاق والاختلافات أيضاً، فهو عندما قال: ﴿وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ﴾, وقد قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حجّة الوداع: ", يا أيها الناس ألا إنّ ربّكم واحد، ألا إنّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربيٍّ على عجميّ، ألا لا فضل لأسودٍ على أحمر إلا بالتقوى، ألا قد بلّغت؟ قالوا: نعم، قال: ليبلّغ الشاهد الغائب". كلا، ليس الأمر هكذا، إن الدّعاء في نظام الخليقة لا يقوم مقام العمل بل إنّه مكمّل للعمل ومتمّم له. إنَّ جميع الذين تحدَّثوا عن معرفة العالم العلميَّة، أو أطلقوا على فلسفتهم اسم (الفلسفة العلميّة)، تراهم، بعد التَّمحيص، قد ولجوا أماكن لا يضع العلم قدمه فيها. أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾1. إنَّه بحاجة إلى منتهى الدِّقة والتّروي في العمل فمن ناحية نجد عدم جواز التَّقليد في أصول هذا الدَّين وعلى الأخص أصل أصوله، أي التوحيد، بل يتوجّب فيه التحقيق، فلا مندوحة لهذا الدّين عن فرض التدبُّر والتفكير فرضاً إلزامياً، وعن تخصيص الكثير من آيات القرآن لهذا الموضوع، وهذا ما فعله حقاً. هيجل قادر على ربط العقل مرة أخرى بعالمنا الفوضوي عن طريق تغيير تعريف العقل. إنَّ هذا النَّوع من اجتناب الإثم إذا اعتُبِر كمالاً، فإنَّما يعتبر كذلك من حيث كونه في المراحل الأولية لتقوية ملكة التَّقوى، وذلك لأنّ ملكة التَّقوى تتكوَّن في الإنسان بعد مراحل من الممارسة والتمارين السلبيّة، أما التَّقوى الحقيقيّة فغير هذه الأعمال. طلب البحث متطابق مع محتوى داخل الكتاب – صفحة 30المبحث الثاني : مجالات النظر العقلي في القران ۹۰ ۹۹ ......... ۱۰ ۱۰۱ الفصل الثاني : المعرفة في القرآن والطرق الموصلة إليها المبحث الأول : مفهوم المعرفة وموضوعها في القرآن ... أ- مفهوم المعرفة في القرآن ب- موضوع المعرفة في القرآن . والآن إذا كنت قد وُضعت تحت تأثير هذا البحث، فلك أن تخاطبه عبر التلفون، قائلاً: آلو، هل أنت هناك؟ فتسمعه يقول نعم، ألا تسمعني؟ ولكن إذا اعتبرت كل هذه شواهد على أنَّه هناك، فإنَّك لا تكون قد أدركت وجهة نظر هذا البحث". والواقع، إنه لا يمكن إقامة تقوى ذات بناء مستحكم إلا على أساس من الدّين وحده. يُقال إنَّ الأمر بشيء يشمل الأمر بمقدماته. من البديهيّ أنّ مجرد مرور الزمان وتقدّم العمر لا يكفيان لجعل المرء رجل عقلٍ ومنطق، إذ إنّ هذه الفضيلة الأخلاقيّة، مثل سائر الفضائل الأخلاقيّة الأخرى، تحتاج إلى الممارسة والتمرين والمجاهدة، فثمّة حاجةٌ أوَّلاً إلى المخزون العلميّ والرأسمال الفكريّ، وثمّة حاجةٌ ثانياً إلى أن يُلزِم المرء نفسه مدّةً طويلةً بالتمرّن على التعمّق في التفكير، ودراسة النتائج والعواقب، وضبط مشاعره الداخليّة، قبل اتّخاذه قراراً حاسماً فيما ينوي القيام به من عمل. وفي القرآن إشاراتٌ كثيرةٌ إلى اتّباع هوى النفس، منها: ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ﴾. وينتشر في الداخل بمثل ما ينتشر في الخارج، وبدرجةٍ متساويةٍ في كلّ مكان، وبشكلٍ مطلق، ثم جاءنا شخصٌ يقول: إنَّ النور يغمر العالم، وإنَّ كلّ شيءٍ ترونه إنّما هو بسبب هذا النور، ولولاه لما رأيتم شيئاً، لكان من الصعب علينا أن نصدّقه. ثم إننا نطلق صفة القيد على ما يحرم الإنسان من نعمةٍ أو سعادة، وأما الذي يدفع الخطر عن الإنسان ويصونه من المخاطر، فإنَّه الصّائن وليس القيد، وهكذا التَّقوى. وإذا ما تجاوزنا ذلك المصدر، فلا يتبقّى سوى مصدرين آخرين لذلك الإلهام. 1- البحراني، عبد العظيم المهتدي، من أخلاق الإمام الحسين عليه السلام ، انتشارات شريف رضي، قم، إيران، الطبعة الأولى، 2000م، ص248. وعليه فإنَّ هذا أمرٌ مسلَّمٌ به من حيث الدّين الإسلامي والثقافة الإسلامية. - المفسّر الأوّل لهذا الكتاب: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾1، وكما في آيةٍ أخرى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ﴾2. لذلك يولي القرآن أهميّةً كبرى لطهارة روح المجتمع، إذ يقول: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. إن من أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "ما أخافُ على أمَّتي الفقر، ولكن أخاف عليهم سوء التدبير". إذن فمصادرالمعرفة هي: النقل والعقل والحس، والوحي يندرج تحت مصدر النقل. ولكنّني أكتفي بتلك الحكاية المعروفة فأذكرها لكم، رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلّى بالنّاس الصّبح، فنظر إلى شابّ في المسجد وهو يخفق ويهوي برأسه مصفرّاً لونه قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف أصبحت يا فلان؟ قال أصبحت يا رسول الله موقناً، فعجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله! وفي مقابل هذه الجماعات التي تركت القرآن من الأساس، ظهرت جماعةٌ أخرى جعلت من القرآن وسيلةً للوصول إلى غاياتها وأهدافها، حيث أخذ هؤلاء يؤوّلون القرآن كيفما اقتضت منافعهم، ونسبوا إلى القرآن أموراً لم تكن فيه إطلاقاً، وكانوا يردّون على كلّ اعتراضٍ قائلين إنّهم وحدهم الذين يدركون المعاني الباطنيّة للقرآن، وإنّ تأويلاتهم تلك متأتيّةٌ من معرفتهم بآياته. فإن ظهر بعد ذلك أنّ هناك من ينحو منحاه في كتاباتهم فلا غرابة في ذلك. إنَّ الكثير من الحيوانات متقدِّمة على الإنسان من حيث الإحساسُ بالعالم، سواء أكان ذلك بسبب امتلاكها لحواس يفتقر إليها الإنسان، أم بسبب أنّها تفوق الإنسان في حساسية حواسها التي تشترك فيها مع الإنسان. وتكشف عن أخطار الطمع والسقوط التي تحيق بالإنسان فتنزله درجات بسبب تهاونه في إطاعة أوامر الله، وعن المقام الرفيع الذي يتسنَّمه الإنسان، مقام خلافة الله. وأنا لست بصدد الدِّفاع عن قانون الانتخابات، ففيه كثيرٌ من النَّواقص حتماً، ولكن تُرى هل إنَّ سير الناس على ما يقوله القانون هو علَّة الفساد؟ أم أنَّ علَّة الفساد هي عدم تطبيق حتى هذا القانون نفسه؟ فما من أحد يضع لنفسه حدّاً ولا يعترف لغيره بحق. وبما إنّ القرآن يتحدّث عن الوحي، فإنّه لا يذكر العقل، بل يقتصر على التوجّه إلى قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا يعني أنّ القرآن لم يحصل للرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق قوّة العقل، ولا بالاستدلال العقلي، وإنّما هو قلب الرسول الذي بلغ حالةً لا نستطيع نحن تصوّرها، فأصبح فيها قادراً على إدراك تلك الحقائق السّامية وشهودها، وإن كيفيّة هذا الارتباط مبيّنة إلى حدٍّ ما في آياتٍ من سورتي النجم والتكوير. وبما أنّ المنظور العلمي منظورٌ جزئي، لا كلي، فإنّه غير قادرٍ على توضيح ملامح العالم كلها. وفي حديث آخر للإمام الصادق عليه السلام يقول: "لولا أن الشَّياطين يحومون حول قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السَّماوات". ۴: العقلانية ونظرية ضرورة العقل. فتلك النظريات إمّا أن تكون مبنية على أساس ماديّ ينكر وجود إلهٍ حقٍّ حكيمٍ وعادل، وإمّا أن تكون قائمة على الثنائية أو الازدواجية في الوجود، كما هي الحال في بعض الفلسفات التي تقول: إنّ هناك أصلين أو مبدأين للوجود، أحدهما للخير، والآخر للشرّ. الخلاصة. في أقدم الكتب الإسلامية المدوّنة نجد أنَّ الحثّ على طلب العلم يأتي كفريضة، مثل الفرائض الأُخرى كالصّلاة، والصوم، والحجّ والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذه الآية ذات المضمون الواضح تأمر بالاتحاد الذي أنعم به الله على المسلمين. وهذا واضح في الآية الثانية من سورة الجاثية، الآية 25 من سورة فاطر، وآيات أخرى. هو أنَّ كلّ عنصرٍ يعطي بعض ما عنده إلى العنصر الآخر ولكنه لا يستطيع أن يعطي ما ليس عنده للآخرين. إنَّ الذي ألهم هذه الفكرة الشيطانيّة هو الهرج والمرج والظلم الاجتماعيّ. وقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: يقول سعدي: سئل أحد الحكماء عن معنى الحديث: لا شكّ أنَّ هناك ناحية أخرى ينبغي الالتفات إليها، وهي أنه صحيح أنّ الإيمان من أكبر رؤوس الأموال، إلَّا أنَّ الاستفادة منه - كما هي الحال بالنسبة إلى رؤوس الأموال الأخرى - تتطلَّب العلم والمهارة فقد يحدث ألا يستطيعَ الإنسانُ الاستفادة الكاملة من رأس المال هذا كما ينبغي، أو أنَّه يسيء استخدامه، أو أن يقوم شخص آخر باستغلال الشعور الديني عند غيره، وهذا بحدّ ذاته موضوع يستلزم بحثاً خاصّاً. وشيءٌ باقٍ وثابتٌ في ذاته، وشيء لا هيئة ولا صورة له في ذاته، وشيء هو ذاته هيئة وصورة فعلاً: قد يتصور بعضهم أنَّ الحياة جزءٌ من خصائص المادّة وأنَّها ليست إضافةً مكملةً للمادَّة. إنَّ العالم في حالة دائمة من الحدوث والفناء. الإنسان الأخروية، وكونها الطريق الوحيد للنجاة من الشقاء الأبدي، فإنّ لها في حياة الإنسان الدنيوية أثراً وقيمة كبيرين، وأمير المؤمنين عليه السلام الذي يستند في تعاليمه أكثر من غيره على التَّقوى والترغيب فيها، يورد الكثير من آثارها، ويعطي لفوائدها أحياناً عموميةً عجيبة، ومن ذلك قوله: "عتق من كلِّ ملكة، ونجاة كلِّ هلكة". هذا هو نفسه الذي كان يقول إنّ لديه سبعين دليلاً على عدم وجود الله، ولكنّه أخذ فيما بعد يبحث عمّن يكتب له الدعوات، هذا شرح الصّدر للكفر. وبتجمّع معطيات كافية من الإدراك الحسّي، تظهر (طفرة) وتتحول المعرفة الحسيّة إلى معرفة تعقليّة، أي إنَّها تتحوّل إلى (مثال)، غافلين عن أنَّه لو كانت المعرفة التعقليّة من نوع الطفرة وأنَّها تجاوز الكم إلى الكيف، فلا تعدو هذه المعرفة عن أن تكون انعكاساً من انعكاسات العالم، وذلك لأنَّه في كل طفرة وتجاوز من الكم إلى الكيف يغيّر الشيء ماهيّته ونوعيّته، ويتغيّر كلّياً ويصبح شيئاً آخر. بحدوده، الراضي بحقوقه، يملك روحاً أكثر اطمئناناً وأعصاباً أهدأ، وقلباً أسلم، لا تشغله الأطماع فيفكّر مثلاً: ماذا يأخذ، وماذا يغتصب، وماذا يسرق، ولا يعذّبه الانغماس في الشهوة. إنَّ العالم الذي يظهر في المنظور الإلهي، كلّ لا يقبل التجزئة، أجزاؤه وأعضاؤه تشبه أجزاء الجسد وأعضاؤه كلها مترابطة وتؤلّف بمجموعها وحدة واحدة. وهذا ما لا يمكن إنكاره، فقد تنبّه الناس، قديماً وحديثاً، إلى التضاد بين قوى الإنسان، ولهذا قصّته المفصلة. تعالوا نضع كل مذهب في قبال الآخر بكلِّ صراحة وجرأة، ونقيِّمه على وفق الأُصول العلميّة والمنطقية. ٥. فيطلب من الناس أن يتوجّهوا أولاً إلى عمل الخير وتجنّب الإثم، ثمّ أن يكون توجّههم هذا جماعيّاً. 1- المتقي الهندي، كنز العمال، تحقيق وتفسير بكري حياني، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1989م، ج4، ص293. ومن وجهة نظر القياس فإن البنى المعرفية عند بياجيه هي مجموعة خصائص للفعل الذي يوصف بأنه فعل ذكي في مرحلة ما من مراحل النمو العقلي ، ولو كان ذلك صحيحاً فإن هذه البنى المعرفية تكون بالضبط بناء علمياً صحيحا مثلها مثل الاليكترون أو الجين ، حيث لا أحد قد رأى مباشرة أو قاس . العلم: حسب تعريف أهل المنطق هو إدراك . أو ما جاء في هذا التعبير الأدبيّ اللطيف لحافظ: هلع قلبي وإنّي أيّها الدرويش غافل فماذا جرى يا ترى لهذا الصيّاد الحائر. فمع أنَّه كلام الله، وأنّ الله هو خالق العلّة والمعلول، فإنَّه مع ذلك لا يغفل عن ذكر السببيّة والمسبّبيّة لهذا العالم، ويضع الوقائع والظواهر تحت سيطرة هذا النظام. وثالثا صحيح أن المعرفة البشرية تبدأ من مفردات الحس الخاصة وتتحرك صعودا نحو المعرفة العقلية الكلية المجردة ، لكن ليس كل التصورات التي تتوفر لدى النفس هي تصورات مستمدة من العالم المحسوس، إذ ليس صحيحا تماما ما يقال أن دنيا الذهن هو انعكاس لدنيا الخارج. إن ما قيل عن فناء الدّنيا وزوالها، تشبيهاً بالنَّبات الذي يخرج من الأرض على إثر مطر، فينمو ويخضّر، ثم يصفر ويجفّ ويتلاشى تدريجياً، إنما قد قيل لرفع قيمة الإنسان الذي ينبغي ألا يجعل غايته وهمّه ومنتهى آماله أموراً مادية، فما من أمرٍ دنيويٍّ جديرٍ بأن يكون هدفاً أعلى. بعد هؤلاء نأتي إلى المتصوّفة الذين كانت لهم اليد الطولى في تحريف الآيات وتأويلها بحسب عقائدهم الخاصّة، وكمثالٍ على ذلك نذكر نموذجاً من تفاسيرهم؛ ليتبيّن نمط تفكيرهم، حيث يستطيع القارئ أن يقرأ المفصل من هذا المجمل: لقد جاء في القرآن ذكر إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل، وإنّ الله قد أمر إبراهيم عليه السلام في المنام - عدّة مراتٍ - بذبح إسماعيل تقرّباً إليه. إن امرئ شأنه هذا ولا يتأثر قلبه بشيء، لا يكون جديراً بالمعاشرة بل يكون كالوحش بين الآدميين". كما لو ألقى الإنسان نفسَه تحتَ نورٍ ساطع، فيحسُّ عندئذ بغلاء جوهر الإنسانية، وعندئذٍ يُدرك جيداً أنَّ الأشياءَ الصَّغيرة التي كانت في سائر الأوقات تشغَله وتستأثر باهتمامه، كم هي تافهةٌ وحقيرةٌ وزهيدة. وهذه أرفع توصية يمكن أن يُوصى بها وأسماها. الحقيقة هي أنَّ الفكر غير الفلسفي لا يدرك أن ما يراه ليس الوجود العيني للأشياء، بل هي الصور المنعكسة عن الأشياء في الفكر، وعليه فإنَّه لا يشكّ في وجود ما يراه، ما دامت التجربة لم تثبت خلاف ذلك. "إنَّه لأمر يدعو إلى العجب، ففي الوقت الذي نجد أكثر العلوم واقعية، الفيزياء، قد تخلَّى عن المنطق العلمي، وبدلاً من أن يضع الإنسانَ في عالمٍ صلدٍ نيوتني،. لشيءٍ آخر! اسم الباحث : يحيي هاشم حسن فرغل. قبل ثلاثة أو أربعة قرون ، ظهر من بين علماء الشيعة أفرادٌ اعتقدوا أنّ القرآن ليس حجّة، ورفضوا القبول بثلاثةٍ من أصول الفقه الأربعة التي كان علماء الإسلام قد اعتبروها معياراً لمعرفة المسائل الإسلامية، وهي: القرآن، والسنّة، والعقل، والإجماع. سبق أن قلت: إنَّ الإنسان كلَّما تعمّق في دراسة سُنَنَ خلق الموجودات في هذا العالم، ازداد له وضوح التآلف والنظام والانسجام الذي يربط أجزاء العالم بعضها إلى بعض. اتخذ المذهب التجريبي في نظرية المعرفة طريقًا يخالف طريق المذهب العقلي؛ إذ أكد التجريبيون أن التجربة أو الخبرة الحسية هي مصدر المعرفة، وأنكروا وجود معارف أو مبادئ عقلية مُسبَّقة، ولقد جاء . إنَّه يعلن صراحةً أنَّ الرسول ليس هو مُنشِئ القرآن، بل إنّه يبيّن فقط ما ينزل به الروح القدس أو جبرائيل بإذن الله. وبناءً على ذلك، فعلى الرَّغم من أنَّ التقدّم العلمي واحدٌ من العناصر اللازمة للتقدُّم البشري، إلَّا أنَّ هذا لا يضمن إيجاد تقدُّمٍ حقيقيٍّ أبداً). وعلى هذا نسعى لحلِّ مشكلة تزايد الطَّلاق عن طريق زيادة القيود القانونية على النساء والرجال، وعن طريق المحاكم، والسلطة التنفيذية، وتغيير القوانين أو تعديلها، وما إلى ذلك، وهذا أمر لن يحقّق الهدف. 1- ابن سينا، هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، عرف باسم الشيخ الرئيس، وهو عالم وطبيب مسلم من بخاري في إيران, إشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما. هو الآلة التي تُدرك بها المعلومات، ويَنتُج عنها الفهم، ويصل إلى المعرفة، فيُمَيَّزُ به الخير والشر. هي قدرة الفرد على استيعاب وإدراك ما يدور حوله من حقائق، والوعي في الحصول على المعلومات واكتسابها من خلال القيام بالتجارب أو بالملاحظة والتأمل وكما يمكن التوصل للمعرفة والوعي بواسطة مراقبة ما قام به الآخرين والاطلاع عليه والتمعن في ما توصلوا إليه من استنتاجات، ويرتبط . إنّ ما نطلق عليه اسم القلب هو ذلك الإحساس العظيم والعميق الكامن داخل الإنسان، وقد يطلقون عليه أيضاً اسم الإحساس بالوجود، أي ذلك الإحساس الذي يرتبط بالوجود المطلق. وما هذا الإصر وهذه الأغلال سوى تلك القيود التي تكبّل عقول الناس وأرواحهم، فرفعها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عنهم بما زوّده ربَّه من أحكامٍ وعقائد وأخلاقٍ ونُظمٍ تربويّة. نعم، لا يحقّ له الكلام على أي من هذه المسائل، لأنَّ القاضي هذا حكم، ولا مرّد لحكم القاضي. فلسفة العقل هي مشكلة العقل والجسد "تكفي أقوالي فائدةً أنّها تثير فيكم الشكّ في معتقداتكم الموروثة وتحفّزكم على البحث عن الحقيقة بأنفسكم، فإذا انصرفتم إلى البحث عن الحقيقة، عندئذ تدركون الحقائق". الإنسان مع لسانه في انسجامٍ تامٍّ فلن يكون الدّعاء دعاءً حقيقياً. الحوار المتمدن-العدد: 1033 - 2004 / 11 / 30 - 10:45. ولا شكّ أنّ لكلّ واحدةٍ من هذه المسائل الكليّة مسائل فرعيّة، فمثلاً عند الكلام على الإنسان، لا بدّ لنا أيضاً أن نتكلّم على الأخلاق، أو إن تحدّثنا عن المجتمع، لا بدّ أن نتحدّث عن روابط الأفراد، وعن مسألة الأمر بالمعروف والنهيّ عن المنكر، وعن مسائل الطبقات الاجتماعيّة... وغير ذلك كثير. هذا يرى العالم حيّاً وشاعراً، ويراه الآخر ميّتاً لا يشعر. ما أوسع الفرق بين أن يقول المرء بوجود أثرٍ للسعي والاجتهاد. لا شكّ إنّها تعلقات طبيعيّة فطريّة، فكيف يمكن أن تكون مذمومة، وأنّه على الإنسان أن يتجنّبها ويزيلها من نفسه؟! النظام تابعاً لنظامٍ أكبر، وهل هذا تابعٌ لغيره أيضاً؟ ثمّ ما الذي سنصل إليه أيضاً؟. ويهتم المخ بشكل عام بالوظائف الإدراكية والحسية والعقلية ووظائف اللغة. ومن أشهر قصائده قافيته النونية. فالذي لمست يده أذن الفيل قال إنّ الفيل يشبه المروحة، والذي لمس رجله قال إنّه يشبه العمود، والذي لمس خرطومه قال إنّه أشبه بالميزاب، والذي بلغت يده ظهره قال إنّه أشبه بسرير النَّوم. ولكن "أشرف المخلوقات" هذا غالباً ما يفعل العكس تماماً، فالأغنياءُ يجنّبون أبناءهم العمل وبذل الجهد، ظنّاً منهم أن العمل من شيم الفقراء، فيربّون أطفالهم ضعفاء قليلي الخبرة والتحمّل. إذاً، فكرة الحظّ هذه ذات القدرة الخارقة من أين جاءت؟ بحيث أصبح الإنسان يتصوَّر أنَّ سلطة الحظّ أعلى من كلِّ عقلٍ وعلمٍ وعملٍ وسعيٍ وفنٍّ وصنعةٍ وقوّة. إنَّ هذه القوى تؤثِّر بعضها في بعض، ويكون لها أحياناً تأثيرٌ مخالفٌ يزيل مفعولها. هذه أسئلة واعتراضات قديمة، حتى أنها تؤلّف جزءاً من أدبنا، وليس هنا مجال بحثها. من هنا يتضح أنَّ معرفة الله، وإن لم تكن معرفةً تجريبيةً، أي إنَّها لا تضع الله تحت التجربة، إلَّا أنَّ ماهية هذه المعرفة لا تختلف كثيراً عن ماهيات مجموعةٍ من معارفنا عن الطّبيعة، كالحياة، والوعي الباطني أو اللاوعي، وغيرهما. ولنضرب لذلك مثلاً: طالب وهو عائد من المدرسة، يفكر في نفسه أنه يجب أن يراجع دروسه، فعليه أن يجلس ساعاتٍ عديدةً يقرأ ويكتب، إذ لا شكّ أنَّ اللامبالاة والكسلَ يؤدِّيان إلى الرّسوب والجهل والتأخر وآلاف أخرى من المصائب. وتمثل العلوم المختلفة - الطبيعية والاجتماعية - نموذجاً لهذا النمط . وكانت دعواهم أننا نحن أصحاب عليّ عليه السلام ، ونحن أعوانه، أوليس عليّ صهر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟ أوليس وصيّه؟ أوليس خليفته بالحقّ؟ فإذا كان الأمر كذلك، فلا بدّ أن ننتصر على جيش معاوية. ولا يعني هذا أنّ الأبّ يريد حقاً اقتلاع حبّ اللعب والأكل من طبيعة ابنه اقتلاعاً نهائياً، بل إنَّه ليشتد قلقه على ابنه إن رآه فقد رغبته في اللعب أو الطعام، ويحسب ذلك عارضاً من أعراض المرض، فيعرضه على الطبيب لمعالجته، لأنّه يعلم أنّ الطفل السليم الذي يحبّ الدرس والمدرسة ينبغي ألّا يصرفه ذلك عن الرغبة في اللعب والطعام، عليه أن يكون نشيطاً، فيلعب وقت اللعب، ويأكل وقت الأكل، وعليه، عندما يصف الأب ابنه بأنّه لعوب وأكول، لا يريد أن يقول: إنّه يشكو من هذا في ابنه، بل من أن ذلك ربّما يكون قد تجاوز حدوده. ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾. بل على العكس من ذلك، يرى في هذا كلّه نظاماً حقاً، ويقول: ﴿مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ﴾. - والثانية: عندما يكون في حالة رخاء حالٍ واطمئنان بالٍ، ولكنَّه يعلم بأنَّ ما هو فيه من نعمةٍ مزجاة فمن الله، والله هو القادر على أن يسلبه إياها كما هو القادر على. وليس في هذا تقليلٌ من قيمة الدّنيا وما فيها، بل فيه رفعٌ لقيمة الحقِّ والعدل، فهو عليه السلام لم يردْ أن يقولَ إنّه لا يرضى بالدنيا وما فيها لأنَّها ضئيلةٌ أو لا قيمة لها، بل أراد أن يقول إن الظلم من الكبر بحيث أن أصغر الظلم، وهو سلب نملةٍ قشرة شعيرة، لا يعدلُ قيمة الدُّنيا وما فيها. ولكن العمل الذي يقوم به المرء على وفق مزاجه ومشاعره، دون أن تكون هناك خطةٌ ولا حسابٌ أو تبصُّر، وإنَّما اُسْتُثير الإنسان وهاجَ لأمرٍ ما، فأقدم على ذلك العمل لتسكين هيجانه وانفعاله، وبلحاظ ما يثيره الغضب من ظِلالٍ وعتمة، لا يكون المرء قادراً على رؤية العواقب والنتائج بوضوح. وأمّا المنشأ الثاني لحصول الخطأ في مادّة الاستدلال، وبخاصّة في الأمور الاجتماعيّة، هو التقليد. إلَّا أنَّ أثرها هو الوقوف بوجه العدو، بحيث تكون يد العقل طليقةً حرَّة: "فإنّ تقوى الله مفتاح سداد وذخيرة معاد وعتق من كلّ ملكة ونجاة من كلّ هلكة بها ينجح الطّالب وينجو الهارب وتنال الرّغائب", يضع الحكماء لهذا النوع من التأثير غير المباشر اصطلاح. وعلي بن الحسين عليه السلام لم يكن ينام في ليالي شهر رمضان، بل كان يقتضيها إما بالصلاة والدّعاء، وإما بإيصال المعونة إلى الفقراء والمستضعفين، وكان يقرأ عند السحر الدّعاء المعروف باسم دعاء أبي حمزة الثمالي. عاش حياته كلها في مدينة كونيغسبرغ في مملكة بروسيا.كان آخر الفلاسفة المؤثرين في الثقافة الأوروبية الحديثة الإعاقة العقلية : التعريف، الأسباب، الوقاية،.. العوق الفكري. تغاضينا عن التعصّب والعادات، فمن النادر أن نستطيع الدفاع عن وجود العالم نفسه، إذ إنَّ النظريات الفيزيائية تضطرهم إلى ملاحظة ما ذكر". ونظرة العلم إلى الإسلام. أي كونه محبّاً للخير وذكياً وحاذقاً، يرسم له صورة معينة في نظرنا، ويكون مردود هذا في استجابتنا له مختلفاً عمّا لو تلقيّناه في صورة المعقد الحقود أو الأحمق الأبله، بخلاف معرفة ضغط دمه أو صنفه أو إن كان قلبه في الجهة اليسرى المألوفة من صدره أم أنّه في الجهة اليمنى بصورة شاذة، أم أنّ له قلباً واحداً أو قلبين، فذلك كّله لا تأثير له في صورة شخصيته في نظرتنا، ولا في انعكاسات أفعالنا تجاهه. وليس هذا من باب تبادل (الأدوار)، إذ من الطبيعي أن نحافظ على ما يُحافظ علينا، مْثِل مَثَلِ الّلباس. ، المعنى الكليّ هو إنّ الصعوبة تأتي ومعها السهولة، والسهولة في الصعوبة.